د. خيري صالح شعراوي يكتب: نسائم ذكرى مولد خير البشرية.. ريح طيبة

د. خيري صالح شعراوي
د. خيري صالح شعراوي

تَهلُّ علينا النسائمِ العطرةِ والبشائرِ النديةِ، حين يستقبلُ المسلمونَ ذكرى مولدِ خير البشريةِ، رسولُ الإسلامِ محمدٌ بن عبد الله، والذي يُوافقُ يوم الثاني عشر من شهرِ ربيعٍ الأول من السنةِ الهجريةِ، يَحتفلُ به المسلمونَ في كل عامٍ في معظم الدول الإسلاميةِ، ليس بإعتباره عيداً، بل فرحاً بولادةِ نبي السلامِ والإنسانيةِ، الذي أرسلهُ الله رحمةً للعالمينَ، وأدَّبهُ ربهُ فأحسن تَأديبهُ..

لذا جاءت بشريته صَلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ جامعةً لأنواع المحاسنِ، وأخلاقه جامعةً لمكارمِ الأخلاقِ، وشريعته جامعةً لجميعِ الشرائعِ، ورسالته خاتمةً لجميعِ الرسائلِ، والكتاب الذي نُزٍّلَ عليهِ جامعًا للكتبِ السابقةِ ومهيمنًا عليها، فهو الدالُّ على اللهِ والهادي إليهِ بأقوالهِ وأفعالهِ وأحوالهِ، أحاديثهِ تَرقُّ لها القلوبُ، ومواعظهِ تَذرفُ منها العيونُ، ما تركَ شيئّا يجمعُ العبادَ على الله إلا دلَّهم عليهِ، وعرفهم بهِ، ولا رأى شيئًا يقطعُ القرب من الله إلا حذَّر العبادَ منه، فهو الدليلُ الي الحضرةِ الإلهيةِ، لا يدخلها مسلمٌ إلا على يديه، كل قلبٍ صلى عليه واتَّبع رسالتهُ وطَبَّق سنتهُ بلغَ الصلاحَ في الدنيا ونالَ الفلاح في الاخرة.

لذا فإن مظاهرَ الفرحةِ والبهجةِ لا تبارحُ قلوبَ المسلمين في تعظيم هذا اليوم الذي جاء فيه حامل نبراسَ الهدى للبشرية، وكأنّ الشوارع تزدانُ في ذكرى ميلاد الحبيب، فتفوح روائح البخور والطِّيب من بعض البيوت، وتُقرأ سيرة النبي في بيوتٍ اخرى..وتُعقد حلقاتُ الذكرِ في المساجدِ، فيما تعلوا التواشيح بالمدائحِ النبوّيةِ العذبةِ، وتَرى الخلق متزاورينَ حاملينَ أصنافاً شتى من الحلوى لإدخالِ البهجةِ على قلوبِ الصغارِ والنساء والكبارِ.

في هذا اليومِ العظيمِ يُستحسن الإكثارُ من الصلاةِ على الشفيعِ لنيلِ شفاعتهِ يومَ الدين، كما يجبُ إحياءِ هذه الذكرى بكل ما هو مفيد من عمل الخيراتِ على اختلافها، ويستحب ان تُستذكر سيرة النبي العطرة، ويُجمع الشباب والأطفال على فيضٍ من المواقف النبويّةِ السمحةِ ليتعرفوا على نبيِّهم، ويتلمَّسواْ حلاوةَ أخلاقهِ بقلوبهم، ويتمثلواْ بطباعهِ الزكيّة في معاملاتهمِ الحياتية، فلا ينقطعون عنه وعن سِيرته العطرةِ، ولا يُغيَّبون عن محاسنِ مناقبهِ السمحةِ.

صلواتُ الله وسلامهُ عليكَ يا إمامَ المرسلين وخاتم النبيين، رسولٌ من الله نوراً تَجلى، به الخلقُ على الله استدلَّ، رحمةُ الله تَجلتْ في الآفاقِ، مبعوثٌ يتممُ مَكارمَ الاخلاقِ، هدايةٌ من الله لكل الأنامِ، بالقرآنِ والسنةِ والآل الكرامِ.

وكل عام والمسلمين والبشرية جمعاء بخير وسلام وأمان.